الدولة العثمانية
الدولة العثمانية التي امتدت الى عدة قرون فكيف بدأت والى أين انتهت
يعود أصل العثمانيين الى قبائل الترك وكان موطنهم الأصلي اقليم حوارزم بوسط آسيا
خلال القرن ال 13 تعرض العالم الإسلامي الى هجمة شرسة من الشرق على يد المغول أدت الى سقوط الخلافة العباسية
فرت تلك القبائل الى الأناضول ( تركيا حاليآ ) هربآ من جيوش المغول التي كانت تتقدم نحوهم بقيادة جنكيز خان . 
تمكن أرطغل زعيم قبيلة قايى التركية من الاتصال بالسلطان علاء الدين سلطان دولة السلاجقة بالأناضول ونزل في
خدمته ، تعاون أرطغل مع السلطان علاء الدين لهزيمة المغول لذلك منحه السلطان امارة ليستقر فيها ارطغل وعشيرته وفي عام 1288 م توفى أرطغل وخلفه أبنه عثمان الذي استقل بأمارته عن السلاجقة وأضاف جزء كبير من أراضي السلاجقة الى امارته
وهكذا قامت الدولة العثمانية عام 1300 م .
وأعتبر المؤسس الأول للإمبراطورية العثمانية وأخذ علي عاتقه حماية العالم الإسلامي من كل تهديد و أعتبر المنهج الإسلامي هو منهج الدولة وكانت امارة عثمان هي الأقرب للإمبراطورية البيزنطية فبدء عثمان بتوسع امارته وغزو الأراضي البيزنطية التي كانت ضعيفة ومنهارة فتوسعت امارته وازداد نفوذه ولقب بالغازي من كثرة غزواته على حصون وقلاع الروم
واصل ابنه أروخان هذه الفتوحات وخضعت له الأناضول وتمكن من عبور نهر الدردنيل والوصول الى مقدونيا
انشأ اروخان جيش نظامي وعرف باسم الانكشارية وكان هذا الجيش قوي جدآ وكان مكون من أبناء البلاد المفتوحة
شن مراد الأول ابن أروخان
حملة كبيرة لغزو أوربا فدخل مدينة أدرنه وجعلها عاصمة جديدة للدولة العثمانية وقاعدة لحملاته العسكرية على أوربا وتمكن مراد من غزو صربيا وبلغاريا وأجبر الامبراطور البيزنطي على دفع الجزية له ومات مراد أثناء حصار صوفيا عاصمة بلغاريا .
تولى بايزيد الصاعقة الحكم وأتم غزو اليونان وجرد الدولة البيزنطية من كل ممتلكاتها ما عدا عاصمتها القسطنطينية
بسبب الانتصارات العثمانية كونت أوروبا جيش ضخم سنة 1396 م بقيادة ملك المجر لكن بايزيد تمكن من هزيمته في معركة نيقوبولس
في تلك اللحظة أوقف بايزيد تقدمه نحو أوروبا فجأة
بسبب خطر هجوم التتار من الشرق بقيادة تيمور لنك ووصوله لحدود الدولة العثمانية وفي سنة 1402م دارت الحرب بين بايزيد وتيمور لنك في معركة أنقره لكن انتصر فيها التتار بقيادة تيمور لنك عبلى العثمانيين
تراجع تيمور لنك بعد هزيمة بايزيد وترك الدولة العثمانية منهارة من الداخل وظل الاضطراب حتى جاء
مراد الثاني عام 1421 م
تمكن مراد الثاني من إعادة تكوين الدولة العثمانية و إعادة الأراضي التي فقدها العثمانيين في آسيا الصغرة و أوروبا كما تمكن في
عام 1444 م من هزيمة جيش كبير من المجريين والبولنديين والصرب والبيزنطيين بقيادة ملك المجر قلاد سلاق وصدهم حتى
نهر الدانوب ، ترك مراد الثاني لأبنه محمد الملقب فيم بعد بالفاتح دولة قوية وجيش قوي ومنظم .
من أعظم إنجازاته
فتح محمد الفاتح مدينة القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية عام 1453 م وتم تحويل اسم المدينة الى اسلام بول الذي
تحرف فيم بعد الى إسطنبول وأصبحت عاصمة للعثمانيين منذ ذلك الحين وتم تحويل كنيسة آيا صوفيا الى مسجد ولم يكتفي محمد
الفاتح بهذا بل تمكن من ضم جميع أراضي السلاجقة تحت سلطانه .
وفي عهد السلطان سليم الأول
الذي تمكن من القضاء على خطر الدولة الصفوية الشيعية بإيران وهزيمتهم في معركة جالديران
كما تمكن من غزو مصر والشام وهزيمة المماليك في مصر في معركة الريدانية وتم أسر طومان باي آخر سلاطين المماليك في مصر في أثناء ذلك قدم شريف مكة مفاتيح الحرمين الى السلطان أعترافآ بخضوعهم للعثمانيين كما تمكن السيطرة على بيت المقدس بعد
هزيمة المماليك .
في عام 1518 م أصبح سليم الأول أول خليفة للمسلمين من آل عثمان
بعد غزو مصر تحولت عاصمة الخلافة من القاهرة الى إسطنبول حيث اجبر الخليفة المتوكل الثالث العباسي على التنازل له عن الخلافة وبذلك تحولت الخلافة من العباسيين الى العثمانيين وأعتبر هذا التاريخ عام 923 هجري هو البداية الرسمية لعصر الخلافة
فحملوا راية الإسلام وأقاموا أكبر دول إسلامية عرفها التاريخ في قرونه المتأخرة وبقيت الحارس الأمين للعالم الإسلامي
فأطلقت على دولتهم بلاد الإسلام وعلى حكامهم بالسلاطين ووصلت الدولة العثمانية الى قمة مجدها .
في عهد سليمان القانوني ابن سليم الأول
والذي لقبه الغرب بسليمان العظيم
زحف السلطان سليمان بجيوشه نحو أوروبا وتمكن من غزو مدينة بلغراد عاصمة صربيا واستولى على جزيرة رودس ودخل في
صراعات طويلة مع المملكة المجرية الى أن تمكن من هزيمتهم في معركة وادي موهاج عام 1526 م بعد ذلك اتجه السلطان سليمان
لغزو مملكة النمسا بزعامة الملك فرديناد وقام بحصار مدينة فيينا عاصمة النمسا لكنه لم يتمكن من اخضاع المدينة وقام سليمان
القانوني بالتحالف مع ملك فرنسا فرنسيس الأول لغزو إيطاليا وحقق هذا التحالف انتصارات على المدن الإيطالية لكن هذا التحالف لم
يكتمل بسبب تراجع ملك فرنسا ، كان للعثمانيين اسطول قوي تمكن من اخضاع شمال افريقيا وهزيمة اسبانيا والبندقية والسيطرة على الملاحة في البحر المتوسط .
فكانت السفن الأوروبية ترفع رايات الدولة العثمانية في البحر لتجنب خطر القراصنة في ذلك الوقت كان العالم يعلم جيدآ أن الاقتراب من هذه الدولة بالسوء يعني الهلاك لهم والخراب لدولهم حيث بلغت اوج قوتهم وأصبحت أقوى قوة عسكرية في العالم حتى ارتجفت
أوروبا خوف وفزع لكن الأمور لم تستمر على هذا المنهج نفسه حيث أن الأسلوب الذي اتبعوه منذ بزوغ نجمهم في صفحات التاريخ المضيء قد بدء في الوهن وبدء الضعف يزحف اليهم .
خلال القرن 19 أصبحت الدولة العثمانية تسمى رجل أوروبا المريض فبعد وفاة سليمان وابنه السلطان سليم الثاني وعلى مدار 200 عام بدأت التربية الإسلامية تضعف وازدادت اعمال السلب والنهب والفسق وظهرت حركات العصيان وبدأت تفقد هيبتها وضعفت
دفة القيادة وانخفضت وتيرة التعليم الذي كان نور يمد الدولة بالقوة والنفوذ وقامت الثورات الطائفية والعرقية مثل ثورة اليونان والحركة الوهابية في الحجاز .
ظهر في تلك الفترة محمد علي باشا
الذي استقل بمصر والشام وحارب السلطان العثماني وكاد أن يصل الى قلب الأراضي العثمانية
انتزعت روسيا معظم أراضي الدولة العثمانية في آسيا الوسطى كما فقدت الدولة العثمانية الكثير من أراضيها في الحروب مع النمسا والمجر وبلغاريا ، ظهرت النزعة القومية التركية وفي مقابلها ظهرت نزعة قوميات الشعوب الأخرى غير التركية مثل العرب والارمن والأوروبيين والشركس التي أرادت الانفصال عن الدولة العثمانية وكانت تلك الفترة بداية محاولات اليهود لشراء فلسطين من
الدولة العثمانية .
والتي تصدى لها السلطان عبد الحميد الثاني
عبد الحميد الثاني هو السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية جمع بين الخلافة والسلطنة
ولقب بالسلطان المظلوم عرف السلطان عبد الحميد الثاني بسعيه لترسيخ نظام الخلافة الإسلامية
وأطلق شعار ( يا مسلمي العالم اتحدوا )
اذ نجح على مدار 25 عام من ترميم بيت الخلافة وعلاج مرض الدولة ولكن معارضيه كان كثر واعداء الإسلام تربصوا به خوفآ من نجاحه الكامل بشفاء الدولة المريضة واسترجاع هيبتها ونفوذها مرة ثانية
الى أن وصل الأمر لحد الغليان في عام 1326 هجري قام تمرد تنظمه تنظيمات ليبرالية مثل تركيا الفتاة وجمعية الاتحاد والترقي قامت قوات متمردة بدخول إسطنبول وترجيح كفة القوى المعادية للسلطان وهو ما يعرف تاريخيآ بأحداث 31 مارس 1909 م فعزل السلطان عبد الحميد الثاني من قبل الحركات المتمردة المدعومة من رؤساء أوروبا فولوا أخاه محمد الخامس مكانه ثم خلفه اخوه
محمد السادس الذي تولى العرش والدولة في احتضار ، أصبح الاتحاديون هم الحكام الفعليون للبلاد أما السلطان فكان مجرد
ألعوبة في أيديهم .
في يونيو عام 1914 م انطلقت شرارة الحرب العالمية الأولى ودخلت الدولة العثمانية الحرب الى جانب معسكر المحور
ألمانيا - النمسا - بلغاريا فكان بمثابة الفخ الذي نصبه القوميون الأتراك للخلافة العثمانية من أجل القضاء عليها تمامآ في ظل هذه
الحرب ظهر على الساحة وبقوة عسكري من الأتراك القوميين عرف باسم
مصطفى كمال آتا تورك
ولد في سالونيك أكبر تجمعات يهود الدونمه في الدولة العثمانية في 19 مايو 1881 وهو علماني وقومي وعرف بنظريته المسماه
بالكمالية وتوجهاته نحو بناء الدولة التركية الحديثة على أسس قانون علماني مجرد من الدين فسعى خلال الحرب العالمية الأولى
الى أنهاء دور السلاطين وبشكل كامل والى فرض التتريك على الأراضي العربية من أبرزها بلاد الشام وأرض الحجاز
وفي ذلك الوقت كانت القبائل والعائلات تتقاسم النفوذ الفعلي والسيطرة على أراضي الحجاز وكانت بريطانيا تتحرك في
اتجاهين متعاكسين
الأول دعم آتا تورك وانهاء الدولة العثمانية
والثاني التحالف مع الزعماء العرب في أرض الحجاز ودعمهم للحرب ضد نفوذ العثمانيين هناك
حتى آل حكم أرض الحجاز الى أبناء سعود وتم القضاء نهائيآ على النفوذ العثماني فيها ثم قامت بريطانيا بتحضير الثورة الوطنية
بزعامة القائد
مصطفى كمال آتا تورك
في هذه الانتفاضة دعمت آتا تورك من أجل اعداده للمرحلة القادمة وتشكلت حكومة وطنية برئاسة مصطفى كمال آتا تورك بهدف
إقامة دولة تركية مستقلة فألغت جميع القوانين والتعليمات التي أصدرتها الحكومات السابقة فبرز في الواجهة السياسية في حين
أصبح السلطان في الظل فما كان منه الا أن تنازل عن العرش واعتزل الحياة السياسية فاستلم بعده ولى العهد عبد المجيد الثاني بعد أن أصبح مصطفى كمال آتا تورك سيد الموقف .
وقع معاهدة لوزان
التي تنازل فيها عن باقي الأراضي العثمانية غير التركية ثم وجه ضربته الأخيرة عام 1924 م وقام بإلغاء الخلافة بالكامل ثم أعلن قيام جمهورية تركيا الحديثة ثم قام بطرد عبد المجيد الثاني من البلاد وبهذا سقطت الدولة العثمانية بالكامل بعد ان أستمرت لما
يقارب 600 سنة وانهارت معها الخلافة الإسلامية بعد مدة تفوق الألف عام
تغير وجه تركيا بعدها جذري فلم يعد لها صله بالإسلام والعربية حيث بدء آتا تورك بإعلان أنقره عاصمه للبلاد خلفآ لمدينة الإسلام اسلام بال والتي تسمى اليوم إسطنبول و قديمآ القسطنطينية وتم ترسيخ فكرة الهوية القومية التركية حيث قام بمسح العمق الإسلامي بالكامل وقال في خطابه الشهير
نحن دولة لا تحكم بالتين والزيتون كإشارة للآية الكريمة التي وردت في القرآن الكريم وبهذا سقطت الخلافة العثمانية .....
تعليقات
إرسال تعليق